اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 441
فكأن المخالفة بكل أنواعها بغّضها الله إلى المؤمنين، وهم بذلك فى رشاد وهدى فضلا من الله تفضّل به عليهم، ومنّة قدمها إليهم، وهو عليم بجميع شئونهم، حكيم فى منحهم فضله ومنّته، وإذا كان هذا هو شأن المؤمنين فعليكم يا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويا من جاء بعدهم: أن تكونوا على هذا الوصف حتى تكونوا من الراشدين الفائزين بفضل الله ومنّته.
[أحكام مستفادة من الآية]
ونستطيع أن نستفيد من [هذه] الآية الكريمة هذه الأحكام جميعا وفوق كل ذى علم عليم:
1 - أن النميمة والوشاية وتقوّل الوقائع الكاذبة على الناس بغير حقيقة: نوع من أنواع الفسق يدمغ صاحبه بوصف من أوصاف العار، ويجعله بعد أن كان طائعا فاسقا، فهو عمل من أكبر الكبائر، ومن علامات الكبائر فى الدين: أن يرد فيها وعيد، أو وصف كهذا الوصف المقيت البغيض.
2 - أن من واجب المؤمنين أمام هذه الأخبار: أن يتثبّتوا من صحتها، وألا يعملوا بها حتى تثبت لديهم، فإنّ الواشين هم آفة الصّلات، وهم الذين يشقّون العصا.
وما تهدمت الروابط، ولا انقطعت الأواصر، ولا تحركت فتنة نائمة، إلا وكان سبب ذلك فرية منقولة، أو وشاية متقوّلة.
ولقد وشى بعضهم برجل إلى أمير المؤمنين على كرم الله وجهه، فقال للواشى: يا هذا: إن شئت جمعنا بينك وبين الرجل، فنظرنا صدق ما جئت به، وإن شئت أقلناك، ولا تعد، فقال: أقلنى أقالك الله يا أمير المؤمنين، فتركه، فقام يجرّ أذياله خجلا.
ووشى بعضهم بصاحب له إلى أحد الخلفاء، فلما جمع بينهما تمثّل الموشى به بقول القائل:
وأنت امرؤ أما ائتمنتك صادقا ... فخنت وأما قلت قولا بلا علم
فأنت من الأمر الذى كان بيننا ... بمنزلة بين الخيانة والإثم
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا الجزء : 1 صفحة : 441